قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على فريق تقييم الوضع الإنساني في سوريا التابع
للأمم المتحدة أن يطالب الحكومة بضمانات بأن قوات الأمن ستحترم بالكاملالحق في
التظاهر السلمي في المناطق التي ستشهد زيارات الفريق الأممي.
وكانت قوات
الأمن قد فتحت النار على المتظاهرين المتجمعين قرب ساحة برج الساعة في حمص بعيد
مغادرة بعثة الأمم المتحدة للمنطقة يوم 21 أغسطس/آب 2011. وكان المتظاهرون قد
تجمعوا مع مرور وفد الأمم المتحدة بالمكان، كي يلفتوا الانتباه لمصابهم، إذ حملوا
لافتات عليها حروف "SOS" (أنقذونا) و"لن نتوقف حتى ننال حريتنا". وقال شهود عيان لـ
هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن قتلت ثلاثة متظاهرين سلميين تجمعوا قرب الساحة،
والرابع مات متأثراً بإصاباته بعد ذلك بقليل. وقال شاهد عيان زار بعض المستشفيات
الخاصة القريبة لـ هيومن رايتس ووتش إنه يعرف بنقل ستة مصابين إلى مستشفى البر،
وأربعة إلى مستشفى باب السباع، ومصاب واحد إلى المستشفى العمالي.
وقالت سارة
ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس
ووتش: "لقد أظهرت السلطات السورية، بما أطلقت من رصاص وما أراقت من دماء، أن وعدها
بالسماح للأمم المتحدة بإجراء عملية إنسانية دون إعاقة هو وعد فارغ. على الأمم
المتحدة أن تحصل على ضمانات قوية للغاية بأن ما حدث لن يتكرر ".
وقال شاهد
من حمص لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن كانت على مسافة 25 متراً من المتظاهرين
عندما فتحت النار، ووجهت فوهات البنادق لأعلى وباتجاه المتظاهرين أيضاً. وقال:
"رأيت متظاهراً يموت على مسافة أمتار. كان الدم ينزف من رأسه بغزارة. أعتقد أنه
لفظ أنفاسه فورا".
وقد سمحت الحكومة السورية لفريق الأمم المتحدة بزيارة بعض
المناطق التي شهدت تظاهرات وأعمال قمع ، كي يقوم بتقييم وتقدير الاحتياجات
الإنسانية، ووعدت بأن تتيح للفريق الوصول لتلك الأماكن دون إعاقة. وأعرب نشطاء
معارضون للحكومة لـ هيومن رايتس ووتش عن قلقهم من أن تصطحب السلطات فريق الأمم
المتحدة إلى مناطق موالية للحكومة فقط.
وقال ناشط من حمص لـ هيومن رايتس
ووتش: "علمنا أن فريق الأمم المتحدة قادم إلى مدينتنا، فنظمنا تظاهرة كي نطلب منهم
زيارة أحيائنا وليس المناطق التي تختارها الحكومة".
وقال فرحان حق، المتحدث
باسم الأمم المتحدة، للمراسلين في نيويورك إنه قد "تطور وضع إحدى التظاهرات" في حمص
أثناء زيارة الفريق "ونُصح الفريق بالمغادرة لأسباب أمنية". وأضاف: "لم يتعرض
الفريق لإطلاق النار".
وقال متظاهر لـ هيومن رايتس ووتش: "بعد أن ابتعدوا،
فتحت قوات الأمن النار علينا".
وقد أعرب ناشط آخر يقيم في الرستن - وهي
بلدة قريبة من حمص شهدت قتالا عنيفا أثناء الأسابيع القليلة الماضية - أعرب عن
الإحباط وخيبة الأمل لأن فريق الأمم المتحدة لن يزور البلدة .
وقالت سارة
ليا ويتسن: "لابد أن تصمم الأمم المتحدة على أن تسمح لها السلطات السورية بالوصول
بلا إعاقة وبشكل مستقل إلى مناطق الاحتجاجات". وأضافت: "وإلا فإن البعثة تخاطر بأن
يُنظر إليها على أنها في جولة سياحية برعاية الحكومة".
وقد نشر نشطاء سوريون
مقاطع فيديو كثيرة على اليوتيوب يظهر فيها على ما يبدو بعض أحداث اليوم. وأكد أحد
سكان حمص، بعد أن قام بمراجعة مقاطع الفيديو مع هيومن رايتس ووتش، أن هذه المقاطع
من حمص. في أحد المقاطع تظهر مجموعة متظاهرين سلميين، منهم رجل يرتدي قميصاً أخضر
زاهياً يقترب من ساحة برج الساعة، حيث تقف مجموعة من قوات الأمن. عندما أصبح الرجل
على مسافة 20 متراً من قوات الأمن، سُمع دوي إطلاق نار ثم شوهد الرجل صاحب القميص
ومتظاهرون آخرون يسحبونه، ويبدو أنه مصاب في الرأس.
وفي مقطع آخر تُسمع
أصوات المتظاهرين في شارع جانبي قريب من الساحة وهم يرددون شعارات معارضة للحكومة،
ثم يُسمع أزيز الرصاص، ويُرى المتظاهرون وهم يسحبون متظاهرين اثنين مصابين. لا يحمل
أي من المتظاهرين في المقطع أية أسلحة، ولا توجد أدلة على أنهم كانوا يمثلون أي خطر
على قوات الأمن.
وقالت سارة ليا ويتسن: "الأسبوع الماضي راح الرئيس الأسد
يقول للأمين العام للأمم المتحدة إن العمليات الأمنية توقفت لكن ها هي القوات
السورية تطلق النار على المتظاهرين تحت أنف الأمم المتحدة". وتابعت: "لا يحتاج مجلس
الأمن لأدلة أخرى ليعرف أن هناك حاجة لاتخاذ خطوات أقوى من أجل إقناع السلطات
السورية بتغيير نهجها".
قام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف اليوم
بالتصريح بتشكيل لجنة تقصي حقائق للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بسوريا منذ
مارس/آذار 2011. ينبغي على مجلس الأمن أن يضغط من أجل تحقيق هذه المبادرة وأن يصمم
على تعاون سوريا مع اللجنة، التي سيقوم بتعيين أعضائها رئيس مجلس حقوق الإنسان. كما
دعت هيومن رايتس ووتش مجلس الأمن إلى فرض حظر على الأسلحة وفرض عقوبات مستهدفة
للأفراد وحظر سفر ضد المسؤولين السوريين المسؤولين عن الانتهاكات المستمرة
والجسيمة لحقوق الإنسان .
كانت قد اندلعت مظاهرات في مناطق أخرى من حمص إثر
عملية إطلاق النار على المتظاهرين قرب ساحة برج الساعة. وذكر بعض السكان الذين تم
الاتصال بهم عبر الانترنت أن التظاهرات وقعت في باب السباع وباب الدريب والميدان،
وأن قوات الأمن أعادت نشر العربات المدرعة في أغلب مناطق المدينة بعد أن كانت قد
سحبتها قبيل زيارة الأمم المتحدة.
وقال شهود عيان إن قوات الأمن والجماعات
المسلحة الموالية للحكومة - المعروفة في سوريا باسم "الشبيحة" - قامت في ذلك
المساء بتفريق مجموعات من السكان كانت قد بدأت في التظاهر إثر خروجها من المساجد
بعد صلاة التراويح. وفي حي الوعر، على حد قول بعض النشطاء، فتح الشبيحة وقوات الأمن
النار على الأشخاص المتجمعين هناك، مما أودى بحياة علاء أبو اللبان وابنه ماجد
البالغ من العمر عامين.
وهناك شخص آخر حضر الصلاة في مسجد العرابيس القريب
من جورة الشياح، وقال لـ هيومن رايتس ووتش: "كنا نهم بالخروج من المسجد بعد صلاة
التراويح عندما وصلت ثلاث حافلات لقوات الأمن. لم أتبين من أي فرع أمني كانت. قاموا
بإلقاء قنبلتين صوتيتين وتفرق الناس. ثم سمعنا صوت إطلاق نار من جورة الشياح، على
مسافة شارع واحد من المسجد".