تاريخ: 10/05/2011
الكاتب: أسامة عبد الرحيم
نجح تيار الثورة المضادة ولو جزئياً في تشتيت إنتباه المصريين عن استكمال مسيرة إصلاح ما تم تخريبه في هذه المرحلة الحساسة من عمر الثورة الوليدة، وذلك بعد التنسيق الواضح ما بين جهات الخارج التى تختفي عن الأنظار و"فوعلية" الثورة المضادة في الداخل، هذا التنسيق الذى تحققت خطوته الأولي في البطء المتعمد حيال محاكمة مسئولي النظام السابق، واتاحة الفرصة في تهريب ما لم يتم تهريبه من الثروات وتدمير أكبر كم ممكن من الأدلة.
وفيما يبدو أن التخطيط للثورة المضادة كان يتولاه مدربين محليين لذا جاءت خططهم هزيلة وقمة في المسخرة على منوال ما حدث في موقعة الجمل وموقعة الجلابية والاشتباك مع الجيش في ميدان التحرير، ولكن هذه المرة ربما تغير الحال بعد نقل ملف التخطيط للمدربين أجانب محترفين في تفخيخ الثورات، وكما هو واضح بدأ التسخين والإحماء اسبوعين كاملين بتركيز الإعلام والفضائيات والبرامج الحوارية ذات المشاهدة العالية في صناعة مشكلة اسموها السلفية، ثم اختيار بعض الوجوه المنفرة بعناية للتحدث بلسان السلفية كما حدث في حلقة مني الشاذلي بتاريخ 30/4 / 2011عندما احضرت مجهول ملتح يدعي محمود عامر، واكتفت القناة بالتنويه عبر الشريط عن صفة الرجل بالقول انه باحث شرعي في الجماعات والفرق الإسلامية..هكذا..!
وانتهت حلقة الأستاذة منى بعدما تعلم باقي الضيوف والمداخلين النشان في لحية الضيف المسخرة، وبعدما شبع بلال فضل من الهجوم على التيار الديني كله ممثلا في جهل عامر هذا، وبعدما حار الأستاذ وائل قنديل في فهم أي شئ من كلام الرجل الذى بعثر كلامه مثل عجين الفلاحة ، تارة يهاجم السلفية التى جاء متحدثا عنها وتارة يفتي بحرمة الثورة وتارة اخري يبشر بحمام دم قادم بسبب الإطاحة بولي الأمر، حتى ان الضيف الثالث وكان من مركز الأهرام الإستراتيجي تشجع بعد رؤيته جهل صاحبنا المضحك وطالب بتطبيق النموذج المتطرف للدولة اللادينية واتاحة الزواج المدني مثل لبنان ويوغسلافيا سابقاً وقال بالحرف " يعني فاطمة تتجوز جرجس"...!
وبعد هذا التسخين الإعلامي وضع الجميع أيديهم على قلوبهم وتوقعنا ضربة شديدة ليس للتيار السلفي فحسب، بل ضربة للإسلام ذاته ومنعه من الدخول على خط الثورة التى رواها أبناؤه بدمائهم، وبالتزامن مع ما يجري في الإعلام تم تسخين ملف السيدة كاميليا شحاتة، وأظهرت الكنيسة تعنتا منقطع النظير في الإستجابة لطلب النيابة مثول السيدة لأخذ أقوالها في واقعة الإختطاف وحقيقة ديانتها وإغلاق هذا الملف للأبد، وعلى منوال العمليات القذرة استغل المدرب الأجنبي مطالبة المصريين جميعهم – وليس السلفيين وحدهم- بالشفافية داخل الكنائس والكشف عن مصير السيدات المعتنقات للإسلام حديثاً، عندها تم افتعال قضية لسيدة جديدة في حي إمبابة وقبل أن يفهم الرأي العام ما يحدث ، تم عمل هجوم مباغت على إحدى كنائس الحي وإطلاق نار من قناصة مجهولين كما كان يحدث في ميدان التحرير قبل التنحي، ومن البديهي أن ينسب الهجوم للتيار الذى تزعم قبل الثورة المطالبة بالإفراج عن الأسيرات في الكنائس..!!
وأجد أنه من العدل أن يجيب أحد عن أسئلة رجل الشارع التالية:
1- هل هو محض صدفة بعد الهجوم على الكنيسة بساعات قليلة اتهام السلفيين مسبقاً وقبل التحقيق، وأن ينتهز محامي البابا -الذى تم فصله من القضاء لسوء سلوكه- سخونة الحدث ويطالب بتعيين لواء نصراني عضوا بالمجلس العسكري ويهدد بطلب حماية دولية من امريكا..!
2- بعد أن وقف 90% من الشعب المصري ضد إلغاء المادة الثانية من الدستور، أليس من الغريب أن يخرج من داخل الكنيسة من يطالب ويدعوا لتقسيم مصر والشروع في تخصيص دويلة للنصاري في جنوبها دون أى اعتراض من البابا.. هل هذه هي المحبة..؟!
3- هل المطالبة بظهور جميع السيدات اللاتي أعلن إسلامهن وتم إختفائهن في ظروف أقل ما توصف به انها غامضة من شأنه أن يكدر السلم الاجتماعي، والعلاقة بين النصاري والمسلمين، ويهدد الوحدة الوطنية، كما قيل خلال المؤتمر المسيحي الذي عقد بعد حادثة الكنيسة بمقر منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، والتى يترأسها محامي البابا الذى عمل محاميا أيضا للقس زكريا بطرس..!!
4- لماذا تردد الكنيسة إسطوانة أنها لا تستطيع اجبار السيدة كاميليا على الظهور في وسائل الاعلام، وتحديد مكان اقامتها، لكنها تستطيع فقط – كما يقول البعض- أن تخطفها وتعذبها وتقتلها، هل إجبارها على الظهور وضمان سلامة الكنائس وحقن دماء الطرفين مسألة صعبة إلى هذا الحد..!!
5- ما مغزى حضور الطائفة الأرثوذكسية التى يترأسها شنودة الثالث حين الحديث عن الفتنة الطائفية، في حين تنعدم وتختفي هذه الفتنة بين المسلمين وطوائف الكاثوليك والروم والإنجليين والبروتستانت، أليس هؤلاء نصاري مثل الأرثوذكس ومصريين مثل المسلمين ..؟!
6- ما الحكمة في وقوف المجلس العسكري موقف المتفرج وهو يتلقى الإتهامات من محامي البابا بديلاً عن نظام مبارك في الماضي، وما المنطق في استمرار الغموض عما يدور داخل أسوار الكنائس، وما مصير هؤلاء السيدات هل قتلتهم الكنيسة كما يؤكد البعض، أم عادوا الى النصرانية بمحض إرادتهم كما تقول الكنيسة..؟!
7- الأن وقد بدأ يطفو على السطح الحديث عن مليشيات نصرانية مسلحة، وتأكيد البعض على أنها خرجت عن السيطرة ، وتستعد للانفصال بصعيد مصر، هل نكتفي ببيانات الإدانة والطبطبة ونتباكى على السلم الاجتماعى والوحدة الوطنية ، أم نأخذ المسألة حتى ولو كانت كاذبة محمل الجد ، ونعاملها كأخطر ملف من ملفات الأمن القومي بعد نجاح الثورة..؟!