إن
سيادة القانون على القوي والضعيف وعلى الغني والفقير وعلى الحاكم والمحكوم
هي معيار قوة الدولة وحصنها ومعيار الوحدة الوطنية وإن الشعوب التي تدافع
عن قوانين بلادها هي التي تستطيع الدفاع عن أوطانها 00والقانون بصفته مبدأ
وحدة المجتمع والدولة والسلطة والمعارضة فهو الضمانة الفعلية الوحيدة
لجميع الحقوق المدنية والحريات الأساسية ، فهو من هذه الزاوية يحدد ماهية
جميع التنظيمات والعلاقات الاجتماعية وماهية الدولة وجوهرها ، كما ان
مؤسسات الدولة هي هياكل وأشكال يؤلف القانون ماهيتها ويرقى بها إلى مستوى
الكلية الاجتماعية 00الا ان الواقع الحالى يعبر عن مشكلة جوهرية نعانى
منها ، فلقد غاب القانون وحتى ان وجد لا يلتزم به وقد ادى غياب القانون
الى مجموعة من المشاكل يعانى منها المجتمع فى كافة المجالات ويعانى منها
كافة فئات المجتمع وظهور سلبيات كثيرة 00 فقد ادى غياب القانون الى تداعى
المجتمع وأصبح الوطن ببساطة عرضة للانهيار التام ، وانفتح الباب في
المجتمع بكافة مؤسساته لحالة فساد إداري واجتماعي الذى تمدد الفساد حتى
خيم على الجميع ، فلجأ المواطن إلى الصمت والعزلة الداخلية لجأ إلى
الانفصال عن العالم من حوله ، والاكتفاء بالحفاظ على الحياة في صورتها
البيولوجية ، وظهور حالة من الخوف والترقب بين مواطنى المجتمع حيث أصبح من
السهل أن تكال التهم لشخص أو لعدة أشخاص أيا كانت وطنيتهم ، فيتهموا
بالعمالة من قبل العملاء ويرموا بالخيانة من قبل الخونة ، وانتشر النفاق
السياسي والاجتماعي واصبح يتزايد في المرحلة الراهنة في ظل اتساع الفجوات
الاجتماعية بين الأثرياء عند القمة والفقراء عند سفح الهرم الاجتماعي وبين
الشرائح بعضها بعضا كسمة غالبة في الحياة السياسة العربية، غابت سيادة
القانون بين الحاكم والمواطن، بل بين "الخالع" و"المخلوع" من الحكام. فقد
كان السحل أو التأبيد في الحبس أو المنفى أو الإقامة الجبرية مصير كل حاكم
"مخلوعٍ" بانقلاب عسكري، وذلك على قاعدة أن الحاكم الجديد يَجُب سابقه دون
محاكمة، تضعه كبرنامج وأداء في كفة ميزان الإنجازات والإخفاقات، ما يُضمر
إضفاء سمة "المخلص" على الحاكم الجديد، ويؤسس لعدم تقييم برنامجه وأدائه
اللاحق، ليكون التغيير تغييراً للشخوص وليس تغييراً للبرامج والسياسات
والأداء، على طريقة "أبلسة" "المخلوع" و"تقديس" "الخالع"، خارج أية مكاشفة
أو تقييم واقعي ملموس. هكذا كانت الحال منذ نصف قرن ويزيد إلى أن سجلت مصر
الشعب والدولة سابقة تاريخية، تمثلت بصدور قرار يقضي بالتحقيق مع الرئيس
المصري السابق، حسني مبارك، على طريق تقديمه لمحاكمة عادلة، خلافاً لما
كان قد جرى مع رؤساء عرب سابقين منهم: أمين الحافظ ونور الدين الأتاسي في
سوريا، وعبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف في العراق، وأحمد بن بيلا في
الجزائر وعبدالله السلال وإبراهيم الحمدي والغشمي وقحطان الشعبي وسالم
ربيع علي في اليمن وجعفر النميري في السودان، و.. إلخ. ولا غرابة في أن
تكون مصر، الدولة العربية الأعرق، رائدة تسجيل هذه السابقة التاريخية،
التي تجاوزت تعسفية السحل والسجن والنفي والإقامة الجبرية دون محاكمة.
وسيذكر التاريخ العربي لمصر الشعب والثورة والدولة تسجيل هذه السابقة،
التي تنطوي، (إضافة للسياسي)، على ما هو ثقافي وحضاري من الدلالات، وسيكون
لصوتها، تقدم الأمر أم تأخر، صدىً في الفكر السياسي العربي وأنظمته، بما
يؤسس لقيمة ثقافية تعلي شأن القانون والقضاء واستقلالهما وسيادتهما، وبما
يكرس ممارسة تبرير وتعليل أية عقوبة بحق أي مواطن، حتى لو كان حاكماً أزيح
عن السلطة، بديلاً لفرض العقوبة التعسفية، كوجه آخر لعملة السيطرة على
السلطة والاستمرار فيها بالقوة، وخارج أي شكل فعلي من أشكال القانون
والدستور والمساءلة الشعبية. تدشن هذه السابقة المصرية التاريخية بكل
المعاني ميلاد ثقافة سياسية عربية عصرية، يطالب الحراك الشعبي العربي
بتأطيرها في صيغ قانونية ودستورية يحتكم الناس إليها، ويتقاضون وفقها، بما
يمنع أن يكون أحد فوق سلطة القانون والقضاء، لا كمبدأ يحمي البشر من
الطغيان والاستبداد والتعسف السياسي فقط، بل أيضاً كديناميكية ناجعة لرسوخ
الدول واستقرارها وتعزيز منعتها وتطورها ووحدتها وصون منجزاتها
ومكتسباتها، بعيداً عن أهواء "القائد الأوحد" وتقلباته، بعد ثبوت أن منعة
الدول لا تقاس بما تمتلكه من عوامل قوة عسكرية وأمنية فقط، بل أيضاً بما
تحظى به شعوبها من حريات ديمقراطية تتيح تفجير كامل طاقات المجتمعات
وإبداعات مكوناتها، وهذا لا يكون إلا بسيادة ثقافة المساواة بين مواطنيها،
المُعَبرُ عنها في تساويهم حكاماً ومواطنين أمام سلطة القانون. لم تكن
ظاهرة غياب سيادة القانون في الحياة السياسية العربية نبتاً شيطانياً، بل،
كانت تجلياً طبيعياً لغياب المرجعيات الشعبية والقانونية والدستورية
الفعلية، ما جعل المطالبة بهذه المرجعيات، مطلباً أساسياً مشتركاً للحراك
الشعبي العربي، الذي يناضل في ما يناضل من أجل استعادة الشعوب العربية
لسيادتها، بوصفها مصدر كل سلطة وتشريع ومرجعهما، بما يعيد معادلة علاقتها
بحكامها إلى نصابها الصحيح. ما برهن على أن الشعوب العربية ليست استثناء،
وليست حالة "خارج التاريخ"، كما وصمها العقل الاستشراقي وتابعوه، (لجهل أو
لمصلحة)، بل، تستطيع ككل الشعوب، إن هي كسرت حاجز الخوف استرداد حقوقها
السيادية، وبضمنها الحق في بلورة نظام حكمٍ عصري، يسوده قانون يتساوى
المواطنون أمامه، ويتقاضون وفقه، ولا يكون أحد فوقه، بصرف النظر حكاماً
كانوا أم محكومين، وبمعزل عن انتماءاتهم القومية والطائفية والمذهبية
والجهوية والجنسية.. إلخ. وفي هذا نقلة نوعية ليس لأحد أن يقلل من شأنها،
أو من شأن ما تفضي إليه كصيرورة من إنجازات. فقد كان طبيعياً ومنطقياً أن
يتلو نجاح الحراك الشعبي العربي في تنحية ثلاث رؤساء عرب حتى الآن ""،
نجاح آخر، تمثل في إخضاع الرئيس المصري السابق وأبنائه، فضلاً عن مسئولين
سابقين في نظامه، للتحقيق على طريق تقديمهم لمحاكمة عادلة، كسابقة لا بد
أن ينتقل صوتها إلى بقية الأقطار العربية، رغم ما بينها من تمايز نسبي. إذ
ألم يجرِ التشكيك في ممكنات انتقال صوت الحراك الشعبي التونسي الريادي إلى
باقي الأقطار العربية، فماذا كانت النتيجة؟ ألم يكن الانتقال أسرع وأوسع
مما توقع حتى أكثر الناس تفاؤلاً؟ وأكثر من ذلك، فإنه يمكن اعتبار السابقة
المصرية الأخيرة بمثابة واحدة من أهم إنجازات الحراك الشعبي العربي، التي
تتراكم وتسير قدماً رغم ما تواجهه من ثورة مضادة داخلياً وخارجياً، وفي
المقدمة منها التدخلات الغربية بقيادة أمريكية، ناهيك عن الكيان الصهيوني
الذي شكل كبح التغيير الوطني والديمقراطي في الوطن العربي إحدى أهم
وظائفه، ما جعل هذا الكيان في حالة تصادم موضوعي مع التغييرات العربية
الجارية، ذلك لأنها، فضلاً عمّا تعنيه من تفجير لطاقات الشعوب العربية في
الصراع معه، فإنها تشكل بداية لشطب أسطورة "الديمقراطية الوحيدة في الشرق
الأوسط"، تلك الديمقراطية الداخلية التي، وإن تغنى بها الصهاينة وحلفاؤهم
لمصلحة أو لجهل، إلا أنها تبقى ديمقراطية زائفة أو مجتزئة طالما تم
توظيفها لتمتين كيانهم الاحتلالي الاستيطاني الاقتلاعي الابتلاعي الغاصب،
وطالما جرى استعمالها للتغطية على كل ما قام به هذا الكيان من تطهير عرقي
في فلسطين، وما قام به من عربدات واحتلالات وحروب وكبح للتغيير وحراسة
للتبعية في المنطقة العربية. بكلمات: إن الإنجازات الديمقراطية للحراك
الشعبي العربي حتى الآن، وآخرها السابقة التاريخية المصرية سوف تحرم
الكيان الصهيوني من وسيلة دعاية طالما استخدمها بحذق منذ قيامه وحتى اليوم. غاب
القانون وتراخى القائمون عليه في تنفيذ أحكامه ، فأصبح الناس لا يجدون حلا
لمشاكلهم إلا بصناعة قانون خاص لهم ، وينفذونه بطريقتهم الخاصة ، وكثير من
الجرائم يرتكبها مظلومون لم يقف القانون في صفهم أو حصلوا على أحكام ولم
يجدوا المساعدة بل سقطت هيبة القانون في غياهب الجب وأصبح التلاعب عليه
وبه من ذوى الشأن امرأ يسيرا دون مراجعة أو محاسبة وأصبح القائمين عليه من
العاملين في هيئات التحقيق المختلفة يتلاعبون به بالتعمد وتفشت بينهم
حالات المصلحة الخاصة والشخصية والرضي أو عدم الرضا وتلفيق التهم
والمخالفات بالمزاج الشخصي وكم من شرفاء ضاعوا بسبب هذا التلاعب المتعمد
بالقانون 0غاب القانون وأصبح المسئول يمارس الفساد والرشوة ولا يشعر باي
تأنيب او خوف لانه يدرك تماما بأنه لن تتم مسائلته او محاسبته ، والتاجر
يمارس الفساد ويساهم في انتشار الرشوة عندما لا يجده رادعا له فيمارس
الفساد في الاسواق والاحتكار والاستغلال والمتاجرة في السلع التي تضر بصحة
الناس والبيئة ويمارس التهريب والتهرب ويصبح الفساد متاحا لكل الفئات
والهيئات على كل المستويات ، الفساد الذي يجعل اى فرد او مسئول او تاجر او
قاضي يثري ويتحصل على ثروة او مال غير مشروع 000 انتهت
سيادة القانون وبانتهائها كان الاستبداد والطغيان والفوضى وعدم الشعور
بالمسؤولية في المجتمع ، وتردي الأخلاق العامة وازدواجيتها ، ونمو ثقافة
القسوة والنفاق والدكتاتورية وادعاء احتكار المعرفة وتأليه الذات البشرية
، والمركزية والإنفراد باتخاذ القرار ، وعدم السماح للمواطنين للمشاركة ،
او حتى الاطلاع على الكيفية التى يتم بها صناعة القرار ، وبمعنى أخر
انعدام الشفافية والمساءلة وخلق روح الرهبة منهم وتفشى الفساد الاداري
والمالي ، كالمحسوبية والرشوة والأختلاس واستغلال النفوذ والاعتداء على
حقوق المواطنين لمصلحة فئة قليلة من الناس حيث يسمح لذوي الولاء والمقربين
باستغلال مناصبهم للإثراء غير المشروع00