سواسية : قرار وزير العدل صادم ويعيد شبح
الطوارئ من جديد
يعرب
مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز عن إدانته واستنكاره الشديدين للقرار
الصادم الصادر عن وزير العدل رقم 4991 لسنة 2012، والمنشور في الجريدة الرسمية
بتاريخ أمس الأربعاء الموافق 13 يونيو 2012
والذي يعطي ضباط و ضباط صف المخابرات الحربية والشرطة العسكرية سلطة الضبطية
القضائية في الجرائم التي تقع من المدنيين، والتي منها:"الجنايات والجنح
المضرة بأمن الحكومة من جهة الخارج والداخل" , و"المفرقعات" ,
بالإضافة إلى "مقاومة الحكام وعدم الامتثال لأوامرهم والتعدي عليهم بالسب
وغيره", وكذلك "إتلاف المباني والآثار وغيرها من الأشياء
العمومية", و"تعطيل المواصلات", وأيضًا "التوقف عن العمل
بالمصالح ذات المنفعة العامة والاعتداء على حرية العمل", وأخيرًا
"الترويع والتخويف – البلطجة"، وذلك بالمخالفة للقانون والدستور، حيث
يمثل القرار مخالفة صريحة لنص المادة 23 إجراءات جنائية التي تنص على قصر سلطة
الضبط القضائي على أعضاء النيابة العامة، وضباط الشرطة وأمناؤها ورؤساء نقط الشرطة
والعمد والمشايخ ونظار ووكلاء محطات السكك
الحديدية الحكومية، كل في دائرة اختصاصه فقط.
ويؤكد على أن القرار يمثل مخالفة صريحة لنص المادة 12من القانون رقم 25 لسنة 1966
الخاص بالقضاء العسكري والذي "قصر حق الضبط القضائي كل في نطاق اختصاصه على
ضباط وضباط صف المخابرات الحربية والضباط وضباط صف الشرطة العسكرية ومن يخول هذه
الصفة بمقتضى قوانين أخرى أو قرارات صادرة تنفيذا لها، ولكن بشرط أن يتم تطبيق ذلك
على العسكريين فقط وليس المدنيين".
ويضيف المركز أن القرار يعطي
صلاحيات استثنائية لرجال المخابرات العسكرية والجيش، بشكل يفوق ما كان يسمح به قانون الطوارئ، الذي سقط بعد ثلاث عقود من الكبت
والقهر فرضها على الشعب المصري، الذي تنفس الصعداء بعد سقوط هذا القانون، وبدأ
يشعر بنسيم الحرية يلوح في الأفاق.
ويشير إلى أن توقيت إصدار القرار
يثير العديد من علامات الاستفهام خاصة وأنه يأتي قبل أيام من تسليم السلطة للرئيس
المنتخب، وبعد أيام قليله من سقوط قانون الطوارئ، فضلا عن أنه يثير المخاوف في
نفوس الجماهير, يضاف إلى ذلك أن القرار
يأتي في وقت بدأ فيه جهاز الشرطة يستعيد عافيته ويقوم بدوره في حفظ الأمن والنظام
في البلاد, وهو ما كان يحتاج لمزيد من الدعم حتى يتمكن من استعادة عافيته بالكامل،
وبالتالي يعود رجال الجيش لثكناتهم من جديد، ولكن ما يحدث إنما يؤكد أن المؤسسة
العسكرية تحاول أن تظل لاعبا رئيسيا في إدارة الحياة السياسية بعد تسليم السلطة.
ويضيف أن هذا الدور ليس دور المخابرات العامة ولا الشرطة العسكرية الذين
يفترض بهم حفظ أمن البلاد ضد التهديدات الخارجية وليست الداخلية، الأمر الذي من
شأنه أن يزيد من الشكوك الكامنة خلف اتخاذ مثل هذا القرار الغريب.
ويؤكد أن العديد من الجرائم التي يتضمنها القرار تندرج في إطار حق المصريين
المشروع في التعبير السلمي عن الآراء السياسية المعارضة لنظام الحكم والتظاهر
والإضراب، أو في المطالبة بتغيير القوانين أو حتى النصوص الدستورية.
ويشير إلى أن صدور القرار في هذا التوقيت و قبيل أسبوعين فقط من تنفيذ
المجلس الأعلى للقوات المسلحة لتعهداته بتسليم السلطة إلى رئيس منتخب يضاعف من
الشكوك المثارة حول مصداقية هذا التعهد و يرجح الاستنتاجات التي تذهب إلى أن التسليم
الصوري للسلطة لن يمنع المؤسسة العسكرية من أن تظل لاعبًا رئيسيًا في إدارة الحياة
السياسية.
ويحذر المركز من أن آلاف المدنيين
قد يكونوا عرضة للملاحقة والإحالة للقضاء العسكري بموجب هذا القرار المشئوم، خاصة
إذا ما وضع في الاعتبار أن صدوره يقترن بحالة من التأزم والاحتقان السياسي الهائل
وثيق الصلة بإخفاقات المجلس العسكري في إدارة شئون البلاد, وهو ما ينذر بحدوث
مصادمات هائلة في الشارع المصري في ضوء احتمالات حل البرلمان أو في ضوء ما قد تؤول
إليه الانتخابات الرئاسية من نتائج إذا ما كتب لجولة الإعادة أن تتم أو إذا ما
تقرر إعادة الانتخابات برمتها مما قد يرتبه أيضًا من إطالة أمد الفترة الانتقالية
وإطالة بقاء حكم العسكر.
ويرى أن مثل هذا القرار هو تقنين بعيد المدى لعملية إحالة المدنيين للقضاء
العسكري، بالرغم من أن الثورة قد جاءت لكي تضع الجميع تحت سيادة القانون، وتبطل
الصلاحيات "اللامعقولة" التي تمتع بها ضباط الجيش والشرطة، لنعود من
جديد إلى عصر مبارك.
ولذلك فإن المركز يطالب بضرورة إلغاء هذا القرار، والعمل على تدعيم دور
جهاز الشرطة في حفظ الأمن والنظام، والعمل كذلك على سرعة إعادة رجال الجيش
لثكناتهم من خلال تسليم السلطة في مواعيدها المحددة لسلطة مدنية منتخبة.
كما يطالب المركز , مجلس الشعب المصري بضرورة مطالبة وزير العدل بإلغاء هذا
القرار باعتبار انه مخالف للقانون، ويمثل استثناء غير مقبول، وضمانة لعودة الفساد
والاستبداد مرة أخرى.
وأخيرا يطالب المركز المنظمات المدنية والحقوقية بضرورة العمل والتكاتف حتى
يتم التراجع عن هذا القرار المثير للجدل، احتراما لحرية الرأي والتعبير التي جاءت
الثورة المباركة لحمايتها وكفالتها.