بركات الضمرانى مشرف
الاوسمة : عدد المساهمات : 1142 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 22/02/2011
| موضوع: المؤسسة العسكرية في دساتير العالم الإثنين مايو 14, 2012 6:36 pm | |
| زاد الجدل خلال الفترة الماضية حول دور المؤسسة العسكرية في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وحول وضع هذه المؤسسة في الدستور الجديد للبلاد الذي من المفترض أن يؤسس لمصر الديمقراطية، وفى ظل هذا الجدل الدائر، جاءت أهمية بحث أوضاع المؤسسات العسكرية في دساتير العالم واخترنا عدداً من النماذج التي تغطى مساحة واسعة من البدائل، بدءاً بالدول الراسخة في الديمقراطية، وهى الدول التي تحولت ديمقراطياً في فترات سابقة وظلت على احترام قيمها والالتزام بإجراءاتها وعملياتها حتى تصبح القيم الديمقراطية جزءاً أصيلاً من الثقافة السياسية للمجتمع، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية والهند للتعرف على وضع المؤسسة العسكرية فيهما. ومع الموجة الثالثة للديمقراطية التي بدأت في سبعينات القرن الماضي، خرجت عدة دول من عباءة الاستبداد تحت حكم عسكري مباشر إلى ساحة الديمقراطية وكان على هذه الدول أن تعالج قضية العلاقة الشائكة بين المؤسسة العسكرية والقوى المدنية التي قادت عملية التحول الديمقراطي.. ومع مقدمات انهيار الاتحاد السوفيتي ثم انهياره الفعلي، خرجت الدول الاشتراكية من عباءة نظم كانت تجمع بين الحزب الواحد المسيطر والمؤسسة العسكرية التابعة له. ومن هنا قدمت هذه الدول نموذجاً ثالثاً للترتيبات المؤسسية.. كما شهدت دول العالم حالة من الديمقراطية تحت الوصاية العسكرية أو ما وصفته بعض الدراسات بالديمقراطية العسكرية. ورغما عن التناقض الكامن في تركيب المصطلح فإن عدداً من الدول أفردت وضعاً خاصاً للقوات المسلحة، كي تقوم بمهام الوصاية على القوى السياسية المتنافســــــة التي كان يخشى من عدم التزامها بقــــــيم الديمقراطية. ومن هنا أصبحت المؤسسة العسكــــرية ليست كياناً سياســــــــــياً محايداً، وإنما هي طرف أصـــــيل في العملية السيـــــاسية إلى أن ينــــجح تحالف الأحـــــــزاب في خلق فضـــــائها السياسي الطارد للعسكر مـــــن الحيــــــاة السيــــــاسية بـــــما يتـــــطلبه ذلك من تعديلات تشريعيــــــة ودستورية. ويعد نمـــــــوذجا تركيا وباكستان الأولى بالدراسة في هذا الصددتجربة تركيا في المؤسسة العسكريةاليوم تغير الحال، حيث لم يعد الجيش التركي اليوم هو نفسه ذلك الجيش الذي تمرس على ضبط إيقاع الحياة السياسية في تركيا لأسباب عده أدت في مجمله إلى أن تقل سطوة الجيش في تركيا منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم. ولعل أهم الأسباب: انتهاء الحرب الباردة وسقوط الإتحاد السوفيتي أدى لانخفاض مستوى الحماس لأي انقلاب على المستوى الغربي الذي كان يؤيد الانقلابات خوفاً على نظام الحكم التركي إبان الحرب الباردة. كان وضع الجيش مستقراً بلا ضغوط حقيقية من الخارج لوقف الانقلابات غير مبرره حتى بدأ الحديث عن ترشيح تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي في قمة هلسنكي نهاية العام 1998 هناك فقط وجد الجيش نفسه أمام ضرورة وضع تنازلات عده وتقييد حركته في سبيل الحلم الأوروبي مما أضعفه سياسياً. الحزب الحاكم في تركيا (العدالة والتنمية) حزب ليبرالي وإن سمى نفسه إسلامي فهو متوافق مع الاتجاه الغربي 100% حيث أرسل قواته لأفغانستان بعد الاحتلال الأمريكي في إطار الناتو وكذلك يحافظ على الأجندة الرأسمالية في إطار التعاقد مع صندوق النقد الدولي وتعليماته، أيضاً كافة سياساته قائمه على أسس المصلحة دون أي تطرف ديني بالمرة أو حتى اقتراب من الأسس العلمانية للدولة. انضمامه لحزب الشعب الأوروبي في تسليم واضح بارتباطه بالغرب سياسياً على المستوى الحزبي. تلخيصاً، هم ليسوا إسلاميين مثلنا. استطاع حزب العدالة ضم العديد من أقطاب الصناعة إلى صفوفه للاستفادة من كونه حزب حاكم مما أعطى زخم مالي وإعلامي (نصف المؤسسات الإعلامية الخاصة بتركيا تابعه لرجال أعمال منضمين للحزب) وبالتالي توفر غطاء إعلامي ومالي للحزب. مجلس الأمن القومي: نص دستور 1961 على تشكيل مجلس الأمن القومي، ويتألف من عسكريين ومدنيين. ونص دستور 1982 على زيادة عدد الأعضاء العسكريين في المجلس بإضافة قادة قوات أفرع القوات المسلحة بغية زيادة الثقل العسكري على المدني داخله. كما تم تغيير صفة قرارات المجلس من كونها توصيات يدفع بها إلى مجلس الوزراء إلى قرارات يُعلن بها مجلس الوزراء. ونص دستور 1982 على تشكيل الأمانة العامة لمجلس الأمن الوطني. وقد أوضح القانون المنظم لهذا النص الدستوري وجوب أن يتولى أمانتها فريق أول ترشحه رئاسة الأركان العامة كما تم تحديد مهام الأمانة لتشمل شئون تركيا جميعها، العسكرية والسياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية فضلاً عن مسئوليتها عن حماية المبادئ الكمالية. كما أنها مخولة بمراقبة الجهاز التنفيذي وتوجيه فعالياته والتدخل في إدارته. وللأمانة العامة الحق الصريح في الحصول على المعلومات والوثائق السرية على كل درجاتها وبشكل مستمر عند طلبها من الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات والأشخاص. وبهذه الصلاحيات أصبحت الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي تشكل ذاكرة الدولة ومركز عملياتها. وأصبح مجلس الأمن القومي مرتبطا بعلاقات مباشرة بمؤسسات الدولة مثل مؤسسة الإذاعة والتليفزيون التركية، والمجلس الأعلى للتعليم، وجهاز تخطيط الدولة، والمحافظات والوزارات ويقوم بتوجيهها. من أجل تنفيذ هذه المهام ضمت الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي عددًا كبيرًا من الوحدات التخصصية المعنية بكل من الشئون الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية والثقافية، والعلمية والتكنولوجية، والإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، ومتابعة شبكة المعلومات الدولية، ودراسة الحالة النفسية للمجتمع. ويشير ذلك التنوع الجليّ والتخصصية الدقيقة إلى مدى النفوذ والسلطات التي حازتها المؤسسة العسكرية بعد انقلاب 1980، ما جعلها أشبه بجهاز مخابراتي يُعنى بكافة شئون المجتمع التركي وتوجهاته. الوضع الحالي: يمكن القول إن تقليص سيطرة العسكر على الحياة السياسية التركية منذ تولي حزب العدالة والتنمية أحد أهم وأبرز التغيرات التي طرأت على بنية الدولة في تركيا منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، وكانت لها انعكاسات مهمة على التطور الديمقراطي الذي يشهده هذا البلد. ولقد تناولت التعديلات الدستورية التي أجراها الحزب عام 2010، والخاصة بمجلس الأمن القومي وأمانته العامة محورين يفضي كلاهما إلى تقليص وضعية المؤسسة العسكرية داخل الحياة السياسية التركية؛ وهما إلغاء هيمنة المؤسسة العسكرية على بنية مجلس الأمن القومي، وتقليص سلطات المجلس التنفيذية. ولفهم أهمية هذه التعديلات تجدر الإشارة إلى أن سيطرة العسكر على الحياة الدولة والمجتمع التركي تركزت في النقاط التالية: تعيين المؤسسة العسكرية جنرالات داخل عدد كبير من مجالس إدارات مؤسسات الدولة مثل المجلس الأعلى للتعليم، واتحاد الإذاعة والتليفزيون؛ ليكونوا رقباء لها على هذه المؤسسات. توسيع مجال إعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية بما يحقق للمؤسسة العسكرية هيمنة كاملة على الحياة السياسية، وإيجاد المبرر الدائم لأي تدخل عسكري بدعوى تحقيق الأمن والحيلولة دون قيام حركات العنف والإرهاب. وسريعاً، فقد تناولت التعديلات إلغاء البند الخاص بوجوب تعيين الأمين العام لمجلس الأمن القومي من بين أعضاء القوات المسلحة لتنص على إمكانية تولي شخصية مدنية للمنصب، وانعقاد المجلس الدوري مرة كل شهرين بدلاً من مرة كل شهر، وتحديد مهمته واقتصارها على رسم وتطبيق سياسة الأمن الوطني، والقيام بإخبار مجلس الوزراء بآرائه ثم ينتظر ما يسند إليه من مهام ليقوم بتنفيذها ومتابعتها، وتحديد مهام الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي لتفقد دورها الرقابي ومبادرتها في إعداد قرارات مجلس الأمن القومي ووضع الخطط والمشروعات للوزارات والهيئات والمؤسسات، لتصبح مهمتها قاصرة على تنفيذ ما يكلفها به المجلس من مهام. كما تم سحب حق الأمانة العامة لمجلس الأمن القومي في الحصول على المعلومات والوثائق السرية بكل درجاتها عند طلبها من الوزارات والمؤسسات العامة والهيئات ورجال القانون، بالإضافة إلى تعديل قانون الجهاز المحاسبي لإلغاء إعفاء الكوادر العسكرية من الخضوع للرقابة المالية، لتصبح المؤسسة العسكرية وكوادرها خاضعين لإشراف ومراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات. وكذلك السماح برفع الدعاوى القضائية لاستجواب ومقاضاة الجنرالات القدامى بشأن قضايا الفساد، وإلزام العسكريين بالإدلاء بالتصريحات الإعلامية فقط في المجالات التي تتناول الشأن العسكري والأمني، وتحت إشراف السلطة المدنية أيضًا، وكذلك تم إلغاء إمكانية محاكمة المدنيين داخل المحاكم العسكرية. هذا وقد تم إلغاء عضوية الجنرال العسكري في كل من مجلس إدارة المجلس الأعلى للتعليم واتحاد الإذاعة والتليفزيون ليصبحا مؤسستان مدنيتان دون وجود أي رقيب عسكري. أن القوات المسلحة تخصص لها 5 % فقط من ميزانية الدولة !، وهي أقل موازنة تخصص لأي وزارة أخري في الدولة، ونصف ما تخصصه دول أخري للإنفاق علي بند الدفاع!، وبافتراض مصداقية سيادة اللواء لماذا الإصرار علي إخفاء الرقم كقيمة مطلقة والتعبير عنه بنسبة مئوية؟ وما جهات الرقابة؟ وملاحظاتها إن وجدت؟.. وذلك في ظل معرفة أن للجيش اقتصادًا داخل اقتصاد الدولة بما يملكه من شركات ومشروعات إنتاجية، وبافتراض طهارة يد الجميع، لماذا حتى تجنبا للشبهات أن تعلن كقيم إجمالية خاضعة لرقابة خاصة فعلا؟!..أنه بعد الاطلاع علي دساتير الدول الاخري، فمن المرجح أن يتم تطبيق النموذج الأمريكي في مصر، بأن تقوم لجنة متخصصة من البرلمان بدراسة موازنة المؤسسة العسكرية بكل تفاصيلها في سرية تامة ثم تقوم بالإعلان عن الأرقام الإجمالية لها لباقي نواب مجلس الشعب، وبالتالي يجمع بين الشفافية وسرية حسابات الجيش.. أنه لا يوجد نص في دساتير معظم دول العالم يعتبر أن القيادة العليا للقوات المسلحة فوق المساءلة، وإنما تخضع للقيادة التنفيذية وفي الغالب لوزير مدني، ومن المفترض أن قيادة الجيش أمينة علي الأموال وبالتالي تخضع للرقابة. | |
|