قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المجلس الانتقالي الوطني الليبي أن
يُلغي فوراً قانوناً جديداً يحظر إهانة الشعب الليبي ومؤسساته. القانون
يحظر أيضاً أي انتقاد لثورة 2011 وأي تمجيد للزعيم السابق المخلوع معمر
القذافي.
قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا القانون يخرق الإعلان
الدستوري المؤقت والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وكلاهما ينصان على ضمان
حرية التعبير.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق
الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذا التشريع يعاقب الليبيين
على ما يقولونه، وهو يعيد للأذهان النظام الديكتاتوري الذي تم التخلص منه
للتو. سوف يقيد القانون حرية التعبير ويخنق المعارضة ويقوض المبادئ التي
تستند إليها الثورة الليبية".
بموجب القانون 37 الصادر في 2
مايو/أيار 2012، فإن إذاعة "أخبار" أو "دعايات" "كاذبة أو مغرضة" تضر بـ
"الاستعدادات الحربية للدفاع عن البلاد أو إلقاء الرعب بين الناس أو لإضعاف
الروح المعنوية للمواطنين" جريمة يُعاقب عليها بالسجن لمدة غير محددة.
وتشتمل "الدعايات" تمجيد القذافي أو نظامه أو أبنائه. كذلك إذا أدت
الدعايات أو الأخبار المعنية إلى ضرر بالبلاد فمن الممكن الحُكم على صاحبها
بالسجن المؤبد.
وأي شخص يفعل أي شيء يمس "بثورة السابع عشر من
فبراير" يمكن أن يُتهم بارتكاب جريمة بموجب القانون، وأن يُسجن. ويشير
التاريخ "17 فبراير/شباط" إلى بداية الاحتجاجات الشعبية التي أدت في نهاية
المطاف لتنحية القذافي في عام 2011.
كما يمكن نسب اتهامات لأي شخص
"أهان الدين الإسلامي، أو هيبة الدولة ومؤسساتها النظامية والقضائية أو
أهان علانية الشعب الليبي أو شعار الدولة أو علمها".
يبدو أن حُكم
تجريم الإضرار بثورة 17 فبراير/شباط يستند إلى المادة 195 من قانون
العقوبات الليبي المطبق حالياً، والذي تمت صياغته وإنفاذه في ظل حُكم
القذافي، وهذه المادة المذكورة تحظر "الإضرار بثورة الفاتح العظيم أو
قائدها". ثورة الفاتح هي التي أوصلت القذافي إلى السلطة في عام 1969.
في
ظل الحكومة السابقة، كان انتقاد القذافي أو ثورة الفاتح يُعاقب عليهما
بالإعدام. ودأب النظام على حبس الافراد بسبب انتقاد الحكومة، وحُكم على
بعضهم بالحبس تحت طائلة المادة 195 من قانون العقوبات الليبي.
وقالت سارة ليا ويتسن: "يبدو أن المجلس الانتقالي مارس عملية قص ولصق لقوانين القذافي".
قالت مجموعة من محاميّ حقوق الإنسان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم سوف يطعنون على القانون رقم 37 أمام المحكمة الليبية العليا.
الإعلان
الدستوري المؤقت الصادر في 3 أغسطس/آب 2011 يضم فصلاً عن حقوق الإنسان
والحريات. تكفل المادة 14 منه حرية الرأي والتعبير، وكذلك حرية التجمع.
وبموجب
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق
الإنسان والشعوب، فإنه يمكن للحكومات تقييد الحق في حرية التعبير من أجل
حماية الآداب العامة على أن يتم التضييق بعد استيفاء عدد من اختبارات
الضرورة والتناسب، على أن يكون هذا التضييق غير متضمن لأي تمييز على أساس
الدين أو المعتقد. القانون الصادر مؤخراً فشل في هذا الاختبار المذكور، على
حد قول هيومن رايتس ووتش. ليبيا دولة طرف في كل من العهد الدولي والميثاق
الأفريقي.
رأت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان - في تعليقها
العام الصادر عام 2011 عن المادة 19 من العهد الدولي أن الحق في حرية
التعبير يحمي الآراء التي قد يتم اعتبارها مهينة أو ضارة لأتباع ديانة
بعينها، ما لم يكن النص المتضمن لمثل هذه الآراء يرقى لكونه "دعوة لكراهية
قومية أو عنصرية أو دينية تعتبر تحريضاً على التمييز أو العدوانية أو
العنف". كما قالت اللجنة إن "الدول الأطراف [في العهد الدولي] يجب ألا تحظر
انتقاد المؤسسات". تعتبر لجنة حقوق الإنسان السلطة المسؤولة عن تفسير
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
دعت هيومن رايتس
ووتش الحكومات الداعمة للمرحلة الانتقالية في ليبيا - وكذلك بعثة الأمم
المتحدة في ليبيا - إلى شجب هذا القانون الجديد، و إدانة المحاولات غير
القانونية الأخرى الرامية لتقييد حرية الرأي والتعبير والتجمع.
وقالت
سارة ليا ويتسن: "هذا القانون صفعة على وجه كل من تعرضوا للحبس بقوانين
القذافي التي تجرم الآراء السياسية، ومن كافحوا من أجل ليبيا جديدة تحترم
حقوق الإنسان". وأضافت: "على قادة ليبيا الجدد أن يعرفوا أن القوانين التي
تقيد ما يمكن للناس قوله قد تؤدي إلى طغيان جديد".