يصدر مركز الأرض لحقوق الانسان
تقريراً بعُنوان " الفلاح المصرى فى المرئيات المصرية " ضمن سلسلة الحقوق
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية العدد رقم ( 90) يقدم التقرير دراسةً مستوفاة عن
الفلاح المصري ،وصورته ،وحقوقه ،وقضاياه النوعية عبر المرئيات السينمائية فيما يشبه
مجموعة من تقارير الأحوال.
ويتناول التقارير من التقارير الأربعة الفلاح عبر
مجموعةِِ من العناصر الرئيسية؛ هي:
1. مفهوم الفلاح: حيث ثار خلاف في الرأي حول
مدلول لفظ "الفلاح" في مجالاتٍ عديدة، وكان الرأي أن المقصود ـ بالفلاح عند البعض:
"الفلاح هو من تكون الزّراعة عمله الوحيد ومصدر رزقه الوحيد"، بينما ذهب رأي آخر
إلى أن المقصود بالفلاح هو: "من يعمل في فلاحة الأرض، ويعتمد عليها في معيشته؛ سواء
أكانت الفلاحة هي عمله الوحيد ومصدر رزقه الرئيسي؛ أم كان يجمع بينها وبين عملٍ
آخر"، وهو التعريف الذي يوافق عليه الباحث ويعتمد عليه، ويتخذ من التعريف الأخير
تعريفًا إجرائيًا.
2. يقف التقرير علي رؤية صناع الأفلام للفلاح المصري في
أفلامهم من حيث: المفهوم العام، حقوقه المدنية كمواطن (الحقوق والسياسية
والاجتماعية والاقتصادية)، عبر مجموعة الخدمات المقدمة له مثل:
تعليم/صحة/مياه/صرف/مسكن)، والقضايا الخاصة المرتبطة بالعملية الزراعية، وكذلك يقف
التقرير علي رؤيتهم للحياة الدينية في الريف، وعلاقة الرجل بالمرأة، وعلاقة الحكومة
التنفيذية بالفلاح.
3. يكشف التقرير عن بعد مفهوم وتصور السينمائيين للفلاح
خلال معالجاتهم المختلفة له في أفلامهم، وهو ما يكشف عن مبالغة وغبن شديد للفلاح
المصري، وذلك عبر تناول الأفلام المصرية (معظمها) للفلاح المصري. 4.
يقسم
التقرير رؤية الفنانين للفلاح المصري إلي ثلاثة مراحل تاريخية؛ هي:
المرحلة
الأولي: من بداية القرن العشرين حتى قيام ثورة يوليو 1952م: وبها يتناول الباحث
رؤية صناع الأفلام السينمائية للفلاح المصري عبر مجموعة من أفلام تلك الفترة؛
ومنها: (بنات الريف: يوسف وهبي؛ 1945)، (أختي ستيتة: حسين فوزي؛ 1950)، (الأفوكاتو
مديحة: يوسف وهبي؛ 1950)، (ابن النيل: يوسف شاهين؛ 1951)، (زينب: محمد كريم؛ 1952).
ويكشف الباحث أولاً؛ عن ندرة الأفلام التي تناولت الفلاح في سياقها الدرامي، ثم عن
أن الفلاح والريف المصري كثيرًا كمجرد خلفية للأحداث التي تدور في أحد القصور
بالريف المصري ،أو يدور جزءٌ منها في بيتٍ من بيوتٍ لا خلفية لها، أو مجرد نقطة
انطلاق للدراما (مجرد مدخل) لتأسيس الشخصية الرئيسية في الفيلم
1. المرحة
الثانية: منذ قيام ثورة يوليو 1952م حتى نهاية عام 1980م: ويتناول الباحث بها رؤية
صناع الأفلام السينمائية للفلاح المصري عبر مجموعة من أفلام تلك الفترة؛ ومنها:
(الوحش: صلاح أبو سيف؛ 1954)، (صراع في الوادي: يوسف شاهين؛ 1954)، (أرضنا الخضراء:
أحمد ضياء الدين؛ 1956)، (أدهم الشرقاوي: حسام الدين مصطفي؛ 1964)، (الحرام: بركات؛
1965)، (العنب المر: فاروق عجرة؛ 1965)، (الزوجة الثانية: صلاح أبو سيف؛ 1967)،
(البوسطجي: حسين كمال؛ 1968)، (يوميات نائب في الأرياف: توفيق صالح؛ 1969)، (شيء من
الخوف: حسين كمال؛ 1969)، (الأرض: يوسف شاهين؛ 1970)، (النداهة: حسين كمال؛ 1975)،
(شفيقة ومتولي: علي بدرخان؛ 1978). ويظهر تأثر الإنتاج السينمائي في هذه المرحلة
بأفكار ثورة يوليو 1952م وتوجهاتها، حيث جاء عدد كبير من هذه الأفلام يحاول أن
يُعيد رَصْد أوضاع الفلاح المصري فيما قبل يوليو/تموز 1952م؛ ليؤكد على الطابع
الاستغلالي لطبقة الإقطاعيين للفلاح المصري، وكيف شوهت الحياة السياسية ـ والأوضاع
الاقتصادية السيئة (غير العادلة) ـ شخصية الفلاح المصري وشوهتها؛ أو أصابتها
بالخلل. مثل: (صراع في الوادي: 1954)، (أرضنا الخضراء: 1956)، (أدهم الشرقاوي:
1964)، (القاهرة 30: صلاح أبو سيف؛ 1966)، (الأرض: 1970). غير أنَّ عددًا قليلًا من
أفلام هذه المرحلة خرج عن هذا الخطاب/التوجه/الطرح العام، ليقدم حالات أو معالجات
سينمائية خاصة، ومحورها الفلاح المصري. مثل: (الزوجة الثانية: 1967)، (شيء من
الخوف: 1969)؛ والذي يعتبر فيلمًا مفارقًا لما يقدمه من نقد رمزي للسلطة، (الأرض:
يوسف شاهين؛ 1970).
المرحة الثالثة: منذ بداية عام 1981م حتى الوقت الحالي
2011م: وتبدأ هذه المرحلة بفيلمى (عنتر شايل سيفه: أحمد السبعاوي؛ 1983)، (المتسول:
أحمد السبعاوي؛ 1983)، وتنتهي بفيلم (عصافير النيل: مجدي محمد علي؛ 2010)، لتؤكد
على تراجع الاهتمام بالفلاح سواء من حيث عدد الأفلام، أو من حيث المساحة الدرامية
المفردة للفلاح وحياته داخل الأفلام، ويكاد يعود الخطاب السينمائي إلي المرحلة
الأولي التي انتهت بنهاية عام 1952، حيث يتراجع الطرح المتعلق بقضايا وظروف الفلاح
المصري، ويبرز مجددًا الاعتماد علي شخصية الفلاح كشخصية متحولة فقط. ويكشف الباحث
عن أن الحكومة المصرية تحت دعاوى التحديث؛ يتوجه اهتمامها إلي ما تدعي أنه صناعة،
وتضع رهاناتها المستقبلة على حفنة من أصحاب المصالح (المنتفعين) الذين يتسمون برجال
الأعمال، كما أنها في الوقت نفسه كانت تهمل الحقيقة التاريخية(الجيولوجية )التي
تقول إن علي جانبي نهر النيل لم يكن هناك شيء سوى مجموعة من البرك والمستنقعات
تحولت علي يد الفلاح المصري الصبور والدؤوب إلى أرض زراعية من أجود الأراضي القادرة
على استقبال البذور، وتقديم أجود المنتجات الزراعية التي هي المواد الخام للتصنيع
وللصناعة الحقيقية، وليس القطن الذي استضافته التربة المصرية والفلاح المصري عن
ذاكرتنا ببعيد، فاليوم مصر تستورد القمح والقطن وقائمة المواد الزراعية المستورة
طويلة، لكن أخطرها هو استيراد البذور والمواد الكيماوية من إسرائيل، وهذا ملف طويل
في حاجة ماسة إلي التحقيق فيه، ومحاكمة المسئولين عن تلك الجرائم التي ارتكبت في حق
الفلاح المصري والبيئة المصرية. والتقرير يؤكد علي أن أفلام الخمس سنوات الأخيرة في
تاريخ السينما المصرية تجاهلت شخصية الفلاح تمامًا، وهو ما يكشف بدوره عن غياب
الفلاح المصري وبعده عن بؤرة خطاب النخبة والمثقفين، وكذلك عن بؤرة الاهتمام
الحكومي الذي مازال يتمسك بالتمثيل الشكلي للفلاح المصري في مجلس الشعب ويحرص علي
استغلال نسبة الـ 50% للعمال والفلاحين، لملئ الخانات السياسية فقط.