بقلم :عادل
الجوجري
أخيرا تحقق
حلم صديقي الذي تمنى أن يعيش ولو يوما واحدا بدون معمر القذافي ،وتحررت ليبيا من
الديكتاتورية ،ومن الكتاب الأخضر والمغامرات الفوضوية غير الثورية والتي بددت ثروات
الشعب الليبي،وحرمته من بناء دولة حديثة ،فمنذ عام 1969عندما تسلم القذافي السلطة
بعد انقلاب عسكري ،تعلقت حوله الأنظار والآمال،وظننا انه سيكون أمينا للقومية
العربية ،لاسيما وقد رعاه الزعيم جمال عبد الناصر فكريا ،كما توفرت له مليارات
الدولارات التي كان يمكن لو أحسن توظيفها لأقام دولة صناعية وزراعية متقدمة أو لكان
قد حقق التكامل الحقيقي مع الدول العربية من خلال مشروعات تفتح أبواب الرزق لهم
،وتؤسس لواقع عربي جديد،لكنه ذهب إلى أحلام اليقظة،محاولا أن يفرض زعامته الوهمية
على الدول المجاورة فإن لم يجد ذهب إلى أوروبا ثم عاد إلى أفريقيا مدعيا أنه ملك
ملوك أفريقيا وعميد الرؤساء العرب.
لقد اكتمل
مثلث عرب غرب أفريقيا لكن المجال مازال مفتوحا أمام باقي الثورات لعربية في اليمن
وسوريا والبحرين ولاشك أن رياح التغير سوف تهب على أنظمة الحكم في الخليج لعربي
التي تظن أنها بالرشاوى المالية يمكنها أن تصادر رغبة الجماهير في التغيير،وان
الكرامة يمكن مقايضتها بالمال يمكن
إن أهم
الدروس التي يمكن استخلاصها من درس ليبيا والقذافي هو:
أولا:إنهاء
الحكم العسكري للدول العربية فباستثناء الزعيم جمال عبد الناصر في مصر وإبراهيم
الحمدي في اليمن ،وسوار الذهب في السودان وربما حالات أخرى نادرة انحاز فيها العسكر
إلى مطالب الجماهير الكادحة وتبنوا مواقف ثورية ضد أعداء الأمة ،لايمكن الوثوق في
نظم الحكم العسكرية والبوليسية،بل لابد من وجود نظم حكم ديمقراطية منتخبة في دولة
مدنية لها دستور وبرلمان ومجالس محلية أو بلدية منتخبة وناشطة ،وأن يتم تقليص
صلاحيات وسلطات رئيس الدولة فقد انتهى نظام الحكم المطلق.
ثانيا:لابد
من دور نشط وفاعل للجماهير من خلال برامج توعية ثقافية وسياسية وإنهاء الأمية
التعليمية والفرية ، وان تتقلص أو تنتهي ظاهرة الكتلة الصامتة التي تشارك في
الانتخابات ولاتشارك في الأحزاب،فهذا العزوف الجماهيري هو أحد أهم أسباب استمرار
الديكتاتور.
ثالثا:تعاون
قيادات أحزاب والنخب السياسية من مختلف التيارات فقد ثبت عدم قدرة تيار واحد على
قيادة مرحلة إسقاط الديكتاتورية والتحول من الفوضى إلى الاستقرار وان التكاتف
السياسي يتطلب الحوار المثمر بين فرقاء السياسة من جهة ويتطلب إعلاء مصلحة الوطن
فوق المصالح الذاتية من جهة أخرى.
رابعا:
وثمة أهمية لتفعيل دور منظمات المجتمع الأهلي والنقابات المهنية والاتحادات النوعية
العمالية والشبابية والنسائية في الحياة السياسية وتطلب ذلك إطلاق حرية الصحافة
والإعلام وتأمين آليات سيادة القانون والمواطنة المتساوية بدون تمييز أو إقصاء أو
تهميش.
خامسا:إن
مرحلة مابعد نجاح الثورة هي الأصعب لأنها تتطلب إرساء قيم العدالة،و الآمن
والاستقرار وهذا يستلزم البعد تاما عن منطق الثأر والانتقام والالتزام بقواعد
العدالة في المحاكمات،واسترداد الأموال المنهوبة وتطهير أنظمة الحكم من فلول النظام
السابق التي ستعمل بكل طاقتها من أجل منع عملية التغيير الثوري وإحباطها أو حبسها
في قمقم ما حصل في ثورتي مصر وتونس حيث لاتزال قوى الظلم فرض قوانينها، وأسلوبها
بما في ذلك الإرهاب والبلطجة للحيلولة دون أن ترى الثورة العربية النور
.
إن الأمر
المؤكد هو أن خفافيش الظلام لم تستطع حماية مبارك وبن علي ولن تستطيع أن تحمي أي
حاكم ظالم في شرق الأمة وغربها..مبروك للشعب الليبي العظيم ثورته ومن حقه أن يستمتع
بفجر جديد بدون معمر..وأولاده وشركاه.