سوزان مبارك كانت لا تبدي اكتراثا بخطورة نتائج أنشطتها وأنشطة مجالسها في مجال المرأة والأسرة والتي أفسدت في المجتمع أكثر مما أصلحت، ولم يجلب تطبيقها لاتفاقية "سيداو" الأممية على المرأة والأسرة المصرية سوى الخراب وتضييع أجيال من الأطفال الذين سيكبرون في أسر مفككة بعيدا عن أحد والديهما وربما كلاهما حيث يقدم القانون حضانة الجدة للأم على حضانة الأب ، مما ضرب استقرار الأسر المصرية في الصميم والنتيجة هي ارتفاع معدلات الطلاق في مصر من نحو 13% عام 2004 إلى أكثر من 40% عام 2008. الي 50% عام 2010 هذه الأرقام التي تتحدث عن نفسها، تكشف حجم الخطر المجتمعي المقبلة عليه مصر الآن ، بعد أن سعت مجالس السيدة سوزان مبارك على تحريض المرأة ضد الرجل بزعم إنصاف المرأة، وتقنين وقوف الدولة بأجهزتها معها لكي تحصل بسهولة على الطلاق أو الخلع وعلى مسكن الزوجية وعلى حضانة الأولاد وعلى أموال الزوج طوعا أو كرها، وإلا فالسجن هو مثوى الرجال ومآلهم، وكلها قوانين باتت تهدد كيان الأسر وتخل بتوازن العلاقة الخاصة بين الرجل والمرأة، وبالتالي تهدد في الصميم مؤسسة الزواج نفسها، مما ستكون له آثار وخيمة ستدفع الشباب في النهاية للإعراض عن الزواج ، واعتباره قيدا ومخاطرة ينبغي تجنبها، وهو نفس السيناريو الذي حدث بالتحديد في الغرب، بعد صعود نجم ما يسمى بجمعيات حقوق المرأة، مما قوض بالفعل مؤسسة الزواج التي جرى استبداله بعد ذلك بالمساكنة بين الرجل والمرأة وإنجابهم للأطفال بدون زواج، وذلك تهربا من هذه المسئوليات التي جرى فرضها على الرجل ، حيث أصبحت معدلات المواليد الآن من هذه العلاقات خارج إطار الزواج أكثر منها من الزواج الشرعي في معظم البلدان الأوروبية، بل إن مصطلح الزوج والزوجة في الغرب هو في طريقه للاندثار بعد أن جرى استبداله في الوثائق الرسمية بالشريك والشريكة، ولا سيما بعد أن جرى تشريع زواج المثليين وأصبح من الممكن أن يتشارك أو يتزوج رجل مع رجل وإمرأة مع إمرأة، ولم يعد أحد يعرف الزوج من الزوجة، وهي نفس القيم التي يراد في النهاية فرضها علينا لكي نمتثل لها من خلال عولمتها في المؤتمرات والمعاهدات الدولية، والتي انضمت مصر لها للأسف، وعملت مجالس الهانم حاليا على تطبيقها. والنتيجة هي أن الغرب يئن الآن تحت وطأة التفكك والفوضى الجنسية، وتعاني مجتمعاته من نقص المواليد نتيجة عدم الرغبة في تحمل مسئولية الأطفال، وكل هذا يؤكد أن الخروج على الشريعة الربانية والفطرة الإنسانية، والعبث بالعلاقات الأسرية أيا كانت الذرائع المتهافتة التي يتحدثون عنها، وكلها تأتي كنتيجة لضعف الالتزام بهذه الشريعة وبهذه القيم وليس لعدم صلاحية هذه الشريعة وهذه القيم. وإذا كانت قيم الغرب تسمح بهذه الفوضى الجنسية والاجتماعية إذ من السهولة أن تسجل المرأة أطفالها باسمها، وهي غير مجبرة حتى على الاعتراف باسم والد الطفل -إن كانت تعرفه من الأساس- مما ينتج أجيالا جار عليهم المجتمع وحرمهم من أن يكون لهم أب معروف وهي جريمة كبيرة ترتكب بحق هؤلاء الأطفال الذين لا يملكون حق التصويت ضد هذه القيم التي حرمتهم من الحياة بين والدين طبيعيين كل منهم له دور في الحياة وله طريقته في التعبير عن عاطفة الأمومة أو الأبوة، فهل يراد أن يصل المجتمع المصري لهذه النتيجة بعد ما يجري من تدمير منظم لمؤسسة الأسرة في مصر أو دفع الناس للتفنن والهروب من القيود التي يفرضونها على الناس بالتحول للزواج العرفي أو الزواج الشرعي الغير مكتوب، أو الإضراب عن الزوج تماما، حتى لا يفاجأ الزوج بعد أشهر قليلة من الزواج بإلقائه للشارع وتجريده بالقانون من كل حقوقه بموجب قوانين السيدة سوزان مبارك وقالت الهانم :"إن ارتفاع معدلات الطلاق تعكس عدم استيعاب الشباب لقيمة الأسرة"، ونحن لا ندري هل يتطور المجتمع في فهمه لقيم الأسرة مع الوقت أم يتراجع ويتأخر؟ وهل كان استيعاب الناس لقيم الأسرة قبل عشر سنوات أفضل من الآن ولماذا؟ .. ولماذا لا تعترف الهانم أن هذا التراجع هو محصلة الحصاد المر لمحاولاتها هي ومجالس (الحيزبونات) التي ترعاها بالعبث بقيم الأسرة المصرية وتخريبها تحت زعم حماية المرأة والطفل؟ ولماذا لا تعترف بأن تطبيقها لمعاهدة "سيداو" وما تحمله من قيم غريبة على المجتمع المصري المسلم جعلت الأسر المصرية والمرأة المصرية والطفل المصري في مهب الريح. نحن هنا بالتأكيد لسنا ضد المرأة لأنها هي أمنا وأختنا وابنتنا، ونحن على يقين أنه يجب حماية حقوق النساء باعتبارهن شقائق الرجال،
وأن هذه التعديلات لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، فحسب ولكنهاعارض الشارع الإسلامي كله هذا القانون, واعتبروه مليئًا بالمخالفات الشرعية. وإذا كان القانون الجديد يتميز ببعض الإيجابيات التي تتفق مع الشريعة مثل رفض وتجريم التحرش الجنسي بالأطفال، ومحاربة التسول، والإقامة في الشوارع، إلا أنه مليء بالبنود التي تتعارض بشكل صريح مع الشريعة. التعديل الجديد على القانون يؤكد حق الطفل في إثبات نسبه إلى والدين شرعيين والتمتع برعايتهما مع الاستعانة بكافة الوسائل العلمية، وحظر التبني. لكن الخطير هنا أن القانون يمنح الأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد، واستخراج شهادة ميلاده منسوبًا إليها كأم. وهكذا فإن القانون الجديد يجيز للأم نسب الطفل إليها، وتسجيل ابنها بنفسها دون حاجة لوثيقة الزواج، وهذا أمر خطير وباب كبير من أبواب الشر. فحسب القانون الجديد يصبح من حق الأم تسجيل مولودها في مكتب الصحة بنفسها ونسبته إلى أب مجهول، والذي يبقى عليه في وقت لاحق الإقرار بذلك أو نفيه. وبالتالي فالأم، الخاطئة وغير الشريفة، يمكنها أن تسجل مولودها بأي اسم وهمي، أو تدعي على أي أحد أنه أبوه، وهذا يؤدي إلى اختلاط الأنساب، فالاسم الوهمي قد يكون موجودًا في الواقع، وقد يفاجأ شخص ما بنسبة مولود إليه دون أن يدري. ونسب الطفل لأمه، مخالفة شريعة للقرآن والسنة، فنسبة الولد لأبيه وردت صريحة في القرآن الكريم: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. [الأحزاب: 5]. وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد فرق بين المرأة التي اعترفت أمامه بأن مولودها ليس ابنًا لزوجها، وألحق الولد بأمه، فإنه لم يعطِ الولد بهذا نسبًا إلى أمه، وإنما عهد به إليها لتقوم بإرضاعه والعناية به. الغريب في الأمر أن المجلس القومي للأمومة والطفولة، وهو صاحب مشروع القانون، كان قد تقدم للحكومة به بعد حصوله على موافقة شيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي، وتأكيد الشيخ أن مشروع القانون لا يخالف الشريعة الإسلامية. المخيف في الأمر، هو أن القانون بدأ يأخذ بالآراء الشاذة لمجموعة العلمانيات المتطرفات، وينسجم تمامًا مع الدعوة الشاذة التي أطلقتها د. نوال السعداوي، عندما نسبت نفسها إلى أمها وطالبت بتعديل القوانين لإعطاء المرأة حقها في ذلك. وهكذا، فبدلاً من أن يعالج القانون الثغرات الموجودة فعلاً، نجده يتجه لتنفيذ مطالب مؤتمرات الأمم المتحدة، التي هي في الأساس أفكار غربية تتعارض كليًا مع الشريعة الإسلامية، وأصبحت بنود القانون الجديد تشجع على الزنا والإنجاب من السفاح، وتغطية هذا العبث والانحلال بغطاء قانوني؛ لأن العقبة التي كانت تقف في وجه الساقطات قد أزيلت بهذا النص في القانون الجديد. وإذا كان الإسلام لا يحبذ العقاب البدني للطفل، وفي نفس الوقت أعطى الوالدين حق تأديبه دون ضرب مبرح، أو بضرب خفيف يؤدي إلى الإصلاح والتأديب، إلا أن القانون أعطى حقوقًا مبالغًا فيها للطفل، فالمادة 71 مكرر تحرم على الأبوين أي تعنيف للطفل، وإذا ثبت ذلك فإنهما يتعرضان للمحاكمة.
وكأننا هنا نطبق ما يفعله الغرب، الذي منح حريات واسعة للأطفال تفتح المجال أمامهم لاصطحاب صديقاتهم وفتياتهم لممارسة الرذيلة في منأى من معاقبة الأسرة، وتعطيهم الحق في تقديم بلاغات في أقسام الشرطة ضد آبائهم الذين يضربونهم ليقوموهم. والسنة النبوية، في مجال تربية وتأديب الأطفال، تعلنها صراحة: «مروا أبناءكم بالصلاة لسبع, واضربوهم لعشر, وفرقوا بينهم في المضاجع». ومن بنود القانون التي تتعارض مع الشريعة أيضًا رفع سن الزواج من 16 إلى 18 سنة، فالشريعة تؤيد وتدعو وتحبذ التبكير بالزواج لمنع الانحرافات، فالزواج ضرورة فطرية. وهذه المادة الجديدة في القانون تفتح الباب على مصراعيه لانتشار الزواج العرفي. ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يا معشر الشباب, من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء». كما أن امتداد سن الطفولة إلى ثمانية عشر عامًا، يتعارض مع القاعدة الشرعية أن البلوغ هو سن التكليف, كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ». وللبلوغ أمارات معروفة لا تتأخر في الذكور عن خمسة عشر عامًا، فإذا وصل الطفل إلى هذه السن كان مكلفًا ولو لم تظهر عليه تلك العلامات، أما الأنثى فبلوغها قبل الذكر بكثير. والخطورة في هذا الامتداد تتمثل في أمرين: أحدهما تخفيف العقوبة على الجرائم التي يرتكبها من لم يبلغ الثامنة عشرة، حتى لو كانت الجريمة تستحق الإعدام، وفي ذلك تشجيع على الجريمة وعلى تكوين عصابات من هؤلاء المراهقين يقتلون ويسرقون ويغتصبون ويباشرون أعمال الإرهاب وهم آمنون من العقوبات المشددة, والأمر الثاني: منع توثيق الزواج قبل هذه السن حتى لو خشي ولي أمر الفتاة عليها من الوقوع في العنت، مع أن ذلك واجب شرعي بنص الآية القرآنية: {وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور: ٣٢]،
ولا يجوز لأي قانون في دولة دينها الإسلام أن يقيد الواجب أو يحرم الحلال, وخاصة إذا كان هذا الحلال هو الذي يمنع الانحراف ويضمن العفاف. معاهدة "سيداو" تحض على العلاقات الجنسية بين المراهقين، وتنحاز للمرأة عند الطلاق وتقرر تقسم ممتلكات الزوج بالتساوي معها، وهي قوانين مطبقة بالفعل في الغرب، الذي تسمح قيمه للأطفال في سن مبكرة بممارسة الجنس ولا يعنيهم في الموضوع سوى توصية الأطفال أن يكون آمنا، وبذلك فمن الطبيعي عندهم أن يتأخر سن الزواج أو حتى لا يكون هناك زواج على الإطلاق طالما أن حاجاتهم الغريزية يمكن الحصول عليها بطرق مختلفة، حيث تتعدد العلاقات بينهم بدون قيد من دين ولا أخلاق ولا قانون، وكلنا نتذكر نموذج السيدة سيغولين روايال المرشحة الاشتراكية السابقة للرئاسة الفرنسية أمام ساركوزي،في الانتخابات الماضية والتي هي أم لأربعة أطفال من شريكها (وليس زوجها) السيد هولند ، والذي قامت بطرده في النهاية من المنزل بعد خسارتها للانتخابات الرئاسية!! .. فهل هذه هي النماذج الأسرية التي تريدونها للأسرة المصرية. بعد تطبيق اتفاقية "سيداو" رفعوا سن زواج البنات والذي كان في السابق 16 عاما إلى 18 عاما، رغم أن هذا القانون الفوقي غير مناسب لحياة الناس في الريف المصري وتقاليدهم، التي يمكن ترقيتها ببرامج التثقيف وإنشاء المؤسسات الصحية والاجتماعية في القرى وليس بالقوانين، وقد تابعنا مؤخرا محاكمة بعض المأذونين الشرعيين لعقدهم بعض الزيجات لبنات أقل من 18 عاما، وهو أمر سيكون له انعكاسات خطيرة على المجتمع، لأن التعامل مع مثل هذه القضايا لا يكون بالتقنين والقضاء وتخويف الناس، لأن ذلك سيجعل الناس يلجئون بالتأكيد لحلول بديلة وتخسر الدولة ،ويخسر المواطن في هذه المواجهة وتضطرب أحوال الناس. ومن بركات "سيداو" جرى تسهيل إجراءات الطلاق والخلع وحصول الزوجة على مسكن الزوجية وحضانة الأطفال إلى بلوغهم سن الرشد، بغض النظر عن المسئول من الطرفين عن الطلاق وتدمير الأسرة، حيث رأينا المئات من الرجال يعانون عدم مقدرتهم على رؤية أطفالهم بعد الطلاق بسبب قوانين الحضانة، وأمثالهم يدخلون السجن لعجزهم عن سداد أموال النفقة التي يحكم عليهم بها، والتي ربما تأتي نتيجة مبالغات غير صحيحة عن دخل الزوج، وأصبحت شريعة "سيداو" هي الأعلى على شريعة الإسلام ، حتى أننا بتنا نخشى أن يأتي اليوم الذي سيقول فيه المأذون للعروسين (أعلنكما زوجان على شريعة وسنة "سيداو" وعلى هدي المجلس القومي للمرأة ومذهب ستكم سوزان مبارك وستكم مشيرة خطاب) !!.